«قبلاتي  أيها الإله» قصة قصيرة للكاتبة عبير أحمد

الكاتبة عبير أحمد
الكاتبة عبير أحمد

قبضة يد الحارس تقبض على يدي بقوة، وقال لى: لقد أمر الطبيب أن تتنزه قليلا في الهواء الطلق في حديقة السجن يا رسلان.

أجلسنى على مقعد صغير، نظرت حولي لم أجد ما يغير نفسيتي عن  الزنزانة، ناديت على الحارس: بسرعة من فضلك خذنى إلى الزنزانة أريد أن استريح.

أمسك  بيدي وأعادني إلى الحجرة مرة أخرى وأغلق الباب، وجدت وجبة على المنضدة لم أرها من قبل !

  مددت يدي وقمت بفتحها، شعرت بيده تمتد معي، ارتعشت يدي من الخوف، أبعدت يدي بسرعة سمعت صوت يقول: لا تخف أنا صديقك ميزار.

قلت له: الحجرة  كانت لى فقط  لابد أن الطبيب اقترح ألا أجلس بمفردي في الزنزانة حتى لا تسوء حالتي، وبدأت أتحدث معه طوال الليل عن مأساتي، فكان ينصت لي إنصاتا شديدا ووعدني أن يكون عونا كبيرا لي حتى انقضاء فترة العقوبة الطويلة، توطدت علاقتنا يوما بعد يوم، كنت أنظر إلى السقف فسألني: لماذا تحملق دائما هكذا في السقف يا رسلان ؟

 قلت: أحملق فيما أبعد من السقف

سألني: ماهو؟

قلت: له، الإله، كل فترة أرفع رأسي لأ تحقق من وجوده.

فسألني: وهل تحققت الآن؟

 قالت: نعم إنه معي وسيخرجني من هذه المحنة الصعبة قريبا.

فاجأني بضحكة عالية! 

  …اجلس يا رسلان ولا تنظر إلى السقف كثيرا  فالإله يوجد في كل مكان أليس كذلك ؟

      

 شكوت له عدم قدرتي على احتمال عدم زيارة زوجتي لي كل هذه المدة طويلة، لكنه لم يطمئني بل جعل الشكوك تساورني أكثر، لابد أنه محق، فزوجتي لم تعد تحبني أنا زوج سجين بلا مستقبل، شعرت بالدوار المعتاد من كثرة التفكير، اقترب مني، وجدته يود أن يخبرني شيئ ولكنه متردد،  ضغطت عليه: ماذا تريد أن تخبرني؟

 ..قال بهدوء وترقب حارس السجن أخبرني أن زوجتك رفعت قضية دعوة طلاق ولكن لم يخبرك بسبب حالتك النفسية المرضية السيئة، تسمرت أرجلي في الأرض، لم أصدق ماقاله !

 أمسكته من رقبته وقلت له إنك تكذب على مؤكد، فلا أصدق أن تفعل زوجتي هذا.

 أمسك بيدي بهدوء غريب وقال: ليس من صالحي الكذب عليك فلا هدف لى في ذلك.

وجدت نفسى متسرعا  فيما فعلته معه اعتذرت له وطلبت منه أن يسامحني ويلتمس لى العذر

 

  وهمس في أذني وقال: كم مرة طلبت من الإله مخرجا لما تعانيه ولم يفتح لك هذا المخرج ؟

 جلست أبكى منهارا على الأرض، إنه محق  فيما قاله، ولكن في قرارة نفسى أريد ان أنظر إلى السماء أطلب عون الإله مجددا، ربما  يخذل الإله هذا الصديق ولكنه لم يعطني فرصة وقال: أنا معك 

  ما رأيك لو وجدت أنا لك مخرجا لتخرج من السجن وتقتل زوجتك الخائنة، ثم أشار إلى فتحة كبيرة في السجن لم أرها من قبل وقال هذا مخرجي انطلق منه لتنتقم وخذ هذا السكين معك

  أدخلت جسدى كاملا في الفتحة الكبيرة التي صنعها لي وجدت نفسى أمام منزلي القديم الحقير فتحت الباب بهدوء  أكملت جريمتي بهدوء وقتلت زوجتي الخائنة، لابد من الرجوع ولكن إلى أين؟

 هل أعود الى السجن مجددا؟

.فكرت طويلا وجدت من الأفضل أن أعود للسجن حتى لا تثار الشكوك حولي

 وجدت نفسى أمام  الفتحة الكبيرة التي صنعها لي الصديق، أدخلت جسدي وجدت نفسي في حجرة السجن مرة  أخرى 

 

  بحثت في الحجرة عن صديقي لأشكره لم أجده أين اختفي؟ نظرت إلى باب الحجرة وجدته مفتوحا، اندهشت لماذا يتركون الباب مفتوحا، وكل سجين هنا يريد الهروب !

خرجت من الحجرة  لم أجد الحارس أخذت أسير في ممر طويل لم أجد أحد من الحراس !

أخيرا وجدت  نزيل بملابس السجن فسألته هل الحراس اليوم جميعا في أجازة ؟

  قال: لا هذا السجن لا يوجد به حراس أكيد أنت لم تقرأ اللافتة المكتوبة عليه جيدا .

وأشار إلي  اللافتة اقتربت منها وجدت مكتوب عليها( من يجد أن العدل  الحقيقي في الخارج فليهرب )

  شعرت بقمة الغباء  فكيف لم أشاهد هذه اللافتة طوال فترة عقوبتي التي قاربت على الانتهاء !.